زكا والتغلب على الصعوبات في الثلاثاء 06 سبتمبر 2011
في قصة زكا رئيس العشارين، نجد درسًا ثمينًا جدًا، وهو أن الإنسان المهتم بخلاص نفسه، الجاد في طلب الحق، المشتاق إلى معرفة الرب يسوع، لا بد وأن يصل إلى غايته ويفوز بأكثر مما يطلب أو يفتكر مهما كان مركزه ومهما كانت ظروفه، فالباحث بالاشتياق لا بد وأن يجد ضالته بالسرور.
هذا الدرس ثمين جدًا، بالأخص في أيامنا هذه التي كثر فيها عدم المُبالاة والجمود الروحي والديانة السطحية.
كان زكا غنيًا وعشارًا، وقد جمع ثروته أثناء قيامه بهذه الوظيفة الممقوتة، إذ كان عُرضة لأن يجرِّبه الشيطان قائلاً: إن مركزك ووظيفتك وظروفك كلها حواجز منيعة تحول دون خلاص نفسك.
قبل أن يخلِّص الرب الخاطئ، يُوجِد فيه رغبة وشوقًا إلى الخلاص، فزكا كان مشتاقًا جدًا، لدرجة جعلته أن ينفك من رُبط الظروف ويتغلب عليها. فقد كان ساكنًا في أريحا المدينة الملعونة، فضلاً عن وظيفته الممقوتة كما ذكرنا، ولكنه كان جادًا في طلب الرب «فطلب أن يرى يسوع». والنفس النشيطة تتغلب على كل الصعاب، بل إننا نرى دائمًا أن الصعاب نفسها إنما تعمل على إظهار نشاط النفوس، فالنفس الخاملة تحتج: «الشبل في الشوارع»، بينما لا يكون هناك شيء من ذلك، أما المشتاقة فترمي بنفسها ولو في مغارة الأسود! هكذا كان الحال مع زكا، فعندما طلب أن يرى يسوع، قامت في وجهه عقبتان، تثنيان عزم الألوف من أصحاب القلوب الباردة، «ولم يقدر من الجمع لأنه كان قصير القامة».
ما أجمل أن نلاحظ زكا وهو يتغلب على صعابه! فصعد إلى جميزة. والحقيقة، أنه لا عذر لأحد من الناس: «مَن يُرِد فليأخذ ماء حياة مجانًا» ( رؤ 22: 17 ). وإننا نقرر كحقيقة ثابتة، أنه لا يوجد سبب في العالم يمنع إتيان النفس للمسيح في الحال، ولا توجد حُجة صحيحة ولا عذر مقبول يستطيع أن يثبت في نور الأبدية أو يبرِّر أي نفس لم تأتِ كما هي إلى المخلِّص لكي تنال خلاصها العاجل.
«يا زكا أسرع وانزل لأنه ينبغي أن أمكث اليوم في بيتك، فأسرعَ ونزل وقبله فَرِحًا». يا لها من مكافأة حلوة، ويا لها من ساعة سعيدة حظى بها ذلك الذي طلب وركض وصعد، فزكا أدلى ببصره إلى أسفل بالإيمان القلبي، ويسوع المسيح رفع عينيه إلى أعلى بالنعمة الغنية فتقابلت أعينهما وارتبطا رباطًا لا ينفك إلى الأبد.