أرسل في: الإثنين ديسمبر 10, 2007 3:37 pm عنوان الموضوع: لماذا توجد مذاهب متعددة فى المسيحية ؟
تعدد المذاهب تعتبر ظاهرة صحية : التعدد والتنوع أمر طبيعى فى كل شئ ، وقد يكون هذا التعدد أو التنوع بعض الأحيان وفى بعض المجالات ظاهرة صحية مُثرية ، بل أن الغريب هو أن تغيب هذه الميزة عن المذاهب والفلسفات التى تحاول أن تقدم رسالة شاملة .
سبب الظاهرة : وعلى الرغم من أن الفكر المسيحى ، حسب الكتاب المقدس ، رسالة الله الثابتة إلى البشر ، فقد أدى فهم الناس لبعض الجوانب غير الجوهرية فى الرسالة وتفاعلهم معها ضمن ظروف مختلفة ، إلى إفراز مذاهب مختلفة ، ولا يقتضى هذا الأمر أن يكون هناك مذهب واحد فيه كل الحق بحيث تصبح كل المذاهب الأخرى خاطئة فنطالب بشطبها ، فإحتكار الحق المطلق أمر غير ممكن .
إيمان واحد : وتشترك المذاهب المسيحية ، على إختلاف أسمائها من بروتستانتية إنجيلية إلى كاثوليكية غربية إلى أورثوذكسية شرقية ، فى قاعدة واحدة للإيمان ، فهى تؤمن بالله الواحد المثلث الأقانيم وببنوة المسيح الأزلية الأبدية لله ، وتجسده وموته على الصليب من أجل خطايا الجنس البشرى ، ودفنه وقيامته فى اليوم الثالث ، وصعوده إلى السماء ، وعودته ثانية فى أخر الزمان ليدين الأحياء والأموات .
قاعدة الإيمان : كما تؤمن هذه المذاهب بنفس الكتاب المقدس الذى تعتبره كلمة الله الموحى بها ومرجعاً وقاعدة للإيمان ، فإختلاف المذاهب لا يمس فى قليل أو كثير جوهر الإيمان المسيحى ومرتكزاته ، ولهذا لا يمكن إتخاذ تعدد المذاهب فى المسيحية حجة على بطلان الإيمان المسيحى ، وإنما دليلاً على صحته ، وإن هذا التوافق بين المذاهب المختلفة وأشتراكها فى الإيمان الواحد حارس لها من دخوله أية بدع أو هرطقات ، فإذا ظهرت بدعة ، سهل علينا تمييزها وإتخاذ موقف منها ، فأنت إذا إكتشفت وجود ورقة نقدية مزورة لديك ، لا تقوم بالتخلص من باقى الأوراق النقدية السليمة التى فى حوزتك .
مقياس الصواب : وبما أن الكتاب هو كلمة الله وقاعدة الإيمان ، فهو مقياس لمدى صحة أى توجّه أو خطأ ، فكلما إقترب المذهب من الكتاب المقدس نصاً وروحاً وتطبيقاً ، إقترب من كمال الإيمان .
مزايا التعدد: وهكذا فإننا نجد أكثر من رقيب وحارس يضمن التمسك بالعقيدة الصحيحة ، فهناك المؤمنون المخلصون والعلماء الحقيقيون فى نفس المذهب ، وهناك المذاهب الأخرى التى هى شريكة فى الإيمان الواحد والتى لا تسكت عن أى إنحراف ، وهناك الكتاب المقدس نفسه .ولكن ما يجمع هذه المذاهب هو الإيمان بإله حىّ يعيش فى أعضائها المؤمنين وبينهم ، ويعمل المعجزات ويصنع العجائب بينهم ويوجههم ويرشدهم ويبنيهم ، وذلك أكثر بكثير من مجرد الإيمان بقاسم مشترك من مبادئ الإيمان .
ليس الخلاص من الكنيسة : إن إنتماء أى إنسان إلى أىّ من المذاهب المسيحية لا يضمن له الخلاص الأبدى ، فلا علاقة للخلاص من دينونة الله العادلة بإنضمام المرء إلى أى مذهب مسيحى ومجرد الأقتناع العقلى بصحة عقيدته، لأن الخلاص يكون بوضع الثقة الكاملة فى يسوع المسيح كمخلص شخصى والإعتراف به رباً على حياته ، وحين يقدم المرء على هذه الخطوة بصدق ووعى ، فإنه يمر فى إختبار يسمى الولادة الجديدة حيث يأتى روح الله ليسكنه ويعطيه طبيعة روحية جديدة ، يقول يسوع المسيح : " إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت السموات " ، ولا يمكننا القول أن كل المنتمين لهذه المذاهب مؤمنون حقيقيون أختبروا الولادة الثانية .
الكنيسة الواحدة : لكن مما لاشك فيه أن هناك مؤمنين حقيقيين فى المسيح من بين أعضاء هذه المذاهب أو الكنائس المختلفة ، ويشكل هؤلاء كنيسة المسيح الواحدة الجامعة ، فهم الذين يعيشون حقيقة الإيمان مؤلفين جسد المسيح الحىّ ، الكنيسة الحقيقية على الرغم من عدم وجودهم فى نفس المكان أو إتفاقهم على كل تفاصيل العقيدة ، ولأن هؤلاء المؤمنين إخوة المسيح ، فإنهم عائلة المسيح وتلاميذه ويشكلون " بيت أهل الله " ( أفسس 2: 19 ) ، ويوصيهم المسيح : " أحبوا بعضكم بعضاً " ، ولأن الله يعرف أن التعدد أو التنوع أمر لابد منه ، فإن كلمته تقول لنا : " فأطلب إليكم .... أن تسلكوا كما يحق للدعوة التى دعيتم لها ، بكل تواضع ووداعة وبطول أناة محتملين بعضكم بعضاً فى المحبة ، مجتهدين أن تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام " ( أفسس 4 : 1-3 ) .
الخلاص شخصى : لقد كان الخلاص دائماً أمراً شخصياً فردياً يستطيع المرء الحصول من الله مباشرة دون وساطة إنسان أو مذهب أو كنيسة ، ودون إنتظار رأى أحد أو موافقته، فمسؤولية الإنسان هى أولاً وأخيراً أمام الله ، يقول المسيح مخاطباً كل فرد، " لأنه هكذا أحب الله العالم ( الناس ) حتى بذل إبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية " ( يوحنا 3: 16 ) ، وهو ينبه كل شخص إلى أنه واقف على باب قلبه ينتظر السماح له بالدخول حتى يعطيه الحياة الأبدية " هاأنذا واقف على الباب وأقرع إن سمع أحد صوتى وفتح الباب أدخل إليه " ( رؤيا 3: 20) .
جميل أن ينتمى المرء إلى المذهب " الصحيح " ، لكن ذلك لا جدوى منه إن لم تكن له علاقة حقيقية صحيحة مع الله ، وهذا ممكن فقط من خلال المسيح ، ولهذا فإن " المذاهب الصحيحة " فى المسيحية هو المسيح نفسه ، وأى طريق سواه مسدود بلا رجاء .
لاتستطيع وضع مواضيع جديدة في هذا المنتدى لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى لا تستطيع تعديل مواضيعك في هذا المنتدى لاتستطيع حذف مواضيعك في هذا المنتدى لاتستطيع التصويت في هذا المنتدى
س و ج
بحث
مجموعات الأعضاء
الملف الشخصي
أدخل لقراءة رسائلك الخاصة
دخول
