علاقتك بالكتاب المقدس (2)
التاريخ: الأحد 23 أغسطس 2009 الموضوع:
|
5-القراءة بفهم:
ادخل إلى عمق الكلام الإلهى، وفهم المقصود منه..
اقرأ بتأمل وعمق0 فالفاهمون يضيئون كضياء الجلد " (دا 12: 3)
كان الكتبة والفريسيون من علماء اليهود، ومع ذلك ما كانوا يفهمون معنى وصية تقديس السبت. وما كانوا يفهمون معنى كلمة (القريب)، حتى شرح الرب مثال السامرى الصالح..
و أهمية الفهم لازمة جداً، حتى أن الرب يقول:
" هلك شعبى من عدم المعرفة " (هو 4: 6).
ومن لوازام المعرفة، عدم الاعتماد على آية واحدة. فالإنجيل ليس آية واحدة. وإنما هو كتاب. ومجرد آية، لا يعطى معنى متكاملاً لقصد الله ووصيته.. ولذلك:
اجمع الآيات التي تخص موضوعاً واحداً، واخرج بمعنى متكامل.
و من ضمن الشروط التي تساعدك على فهم كلمة الله:
أن تقرأ بروح، وبعمق..
فليس المهم في كثرة ما تقرأه، ولو بغير فهم أو بغير تأمل!! وإنما تكمن استفادتك في العمق الذي تقرأ به، حيث تدخل كلمة الله إلى أعماق فكرك وإلى أعماق قلبك وتجعلها تمس مشاعرك
لذلك اهتم بروح الوصية، وليس بمجرد النص.
فكلام الله – كما قال – " هو روح وحياة " (يو 6: 63). لذلك عليك أن تعرف روح الوصية، ولا تتمسك بحرفيتها، لأن القديس بولس الرسول يقول في هذا المعنى:
" لا الحرف بل الروح. لأن الحرف يقتل لكن الروح يحيى " (2كو 3: 6).
و الشخص الروحى يسلك بروح الوصية، وليس بمجرد حرفيتها، كما كان يفعل الكتبة والفريسيون..
و فهم الكتاب لازم جداً، سواء من جهة الروحيات أو من جهة العقيدة والإيمان.
كثيرون كانوا يقرأون الكتاب، ولكنهم ضلوا لأنهم ما كانوا يعرفون المفهوم السليم له، فقال المسيح له المجد "تضلون إذ لا تعرفون الكتب" (مت 22: 29). لذلك حاول أن تعرف المفهوم السليم لكل ما تقرأ. وإن لم تعرف، استشر واسأل..
كثيرون من الهراطقة كانوا يقرأون الكتاب، بل حسبهم البعض علماء ولكنهم ضلوا لعدم الفهم
أو أنهم كانوا أحياناً يأخذون آية من الكتاب، ، ويتركون باقى الآيات التي تكمل الفهم. فمثلاً يوردون قول الرب " لأن أبى أعظم منى " (يو 14: 28)، ولا يضعون إلى جوارها " أنا والآب واحد " (يو 10: 30). أو يقول البعض: قال الرسول " آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك " (أع 16: 31). ولا يذكرون معها قول الرب " من آمن واعتمد خلص " (مر 16: 16).
لذلك إن قال لك البعض: مكتوب " كذا "، قل له كما قال الرب " ومكتوب أيضاً " (مت 4: 7).
إن قال لك أحد المتزمتين: مكتوب " بكآبة الوجة يصلح القلب " (جا 7: 3). قل له ومكتوب أيضاً افرحوا " (فى 4: 4). ومكتوب كذلك " لكل شئ تحت السموات وقت.. للبكاء وقت، وللضحك وقت " (جا 3: 1، 4).. هكذا كن حكيماً في فهم ما تقرأ..
إن حاربك السبتيون بحفظ السبت قائلين: مكتوب " اذكر يوم السبت لتقدسه " (خر 20: 8). قل لهم ومكتوب أيضاً " لا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت، التي هى ظل الأمور العتيدة " كو 2: 16، 17).
إن آيات الكتاب – إذا اجتمعت معاً – تكون تكاملاً وتناسقاً وعمقاً للفهم، واستخداماً لكل شئ في موضعه.
ماذا أيضاً عن علاقتك بالكتاب؟ هناك نقطة هامة أخرى وهى:
- حفظ آيات الكتاب:
حاول أن تحفظ آيات من الكتاب تمثل مبادئ روحية معينة، أو أسساً في العقيدة والإيمان، أو وعوداً من الله تشجعك وتعزيك، أو تشمل ردوداً على مسائل تشغلك وهذه الآيات وترددها كثيراً في ذهنك وقلبك، بلون من الهذيذ الذي يلصقها بروحك وأعماقها، ويدخلها في عقلك الباطن، ويحفرها في ذاكرتك فتخرج منها حين تحتاج إليها..
و الأمثلة على حفظ آيات الكتاب كثيرة:
البعض يحفظ مثلاً العظة على الجبل (مت 5 – 7). أو صفات المحبة (1كو 13)، أو توصيات روحية كثيرة في (رو 12) وفى (1تس 5). أو اجزاء من سفر الأمثال أو سفر الجامعة. أو الوصايا العشر في (خر 20، تث 5). أو يحفظ عدداً كبيراً من المزامير، ومن صلوات الأنبياء في الكتاب المقدس. أو آيات متفرقة تترك تأثيراً في قلبه حين قراءتها. أو آيات خاصة بفضائل معينة، أو خاصة بعقائد إيمانية، أو تمثل ردوداً على حروب روحية.. والأمثلة في هذا المجال عديدة جداً..
لو أن الإنسان الروحى حفظ آية واحدة كل يوم، كم ستكون محفوظاته في عام كل مثلاً؟
بل كم ستكون محفوظاته في عدة أعوام؟! وحتى إن حفظ واحدة كل أسبوع، لا شك سيحفظ 52 آية في العام، أو 520 آية في عشرة أعوام. ويعتبر هذا قدر ضئيل جداً يتعبه بسببه ضميره.
ويبقى بعد ذلك استخدام الآية التي يحفظها.. وقد كنت كثيراً ما أقول لأبنائى في هذا الصدد:
احفظوا الإنجيل، يحفظكم الإنجيل.. احفظوا المزامير، تحفظكم المزامير..
و لكن كيف تحفظكم؟ ولداود النبي تأملات كثيرة في هذا الموضوع.
انتقل الآن إلى نقطة أخرى وهى:
7- التأمل فى الكتاب:
ما تقرأه من الكتاب، وما تحفظه من آياته، يمكن أن يكون مجالاً لتأملاتك. تخلط به روحك وفكرك، وستجد نتيجة ذلك بما يوحى به إليك. وترى أن لكل كلمة معانى ودلائل، تتجدد في قلبك وتتعدد، وتدخلك في جوروحى.
نصيحتى لك إذن، أنك لا تقتصر على مجرد القراءة، وإنما أدخل إلى أعماقها بالتأمل، وقد كتبت لك موضوعاً عن التأمل يمكن أن تقرأه. نصيحة أخرى خاصة بقراءة الكتاب وهى:
8- اقرأ بروح الصلاة:
إبدأ القراءة بالصلاة، طالباً من الله أن يعطيك فهماً، ويكشف لك مشيئته. وقل كما قال داود النبي في المزمور الكبير: " اكشف يا رب عن عينى، لأرى عجائب (مز 119).
و اختم القراءة بالصلاة، طالباً من الرب أن يعطيك قوة للتنفيذ. وكما أعطاك فهماً، يعطيك رغبة وإرادة.
بل اصحب القراءة أيضاً بالصلاة، وكما يقول الكتاب " وعلى فهمك لا تعتمد " (أم 3: 5). حاول بالصلاة أن تستلم رسالة الله إليك.
البعض يضع في ذهنه فكرة مسبقة استقر عليها، ثم يقرأ ليبحث عن آية تثبت له ما قد استقر فكره عليه. أو يحاول أن يطوع كلام الكتاب لأفكار!! أما أنت فلا تكن هكذا، إنما اقرأ لكى تتعلم ولكى تعرف.
و يلزمك لذلك روح الأتضاع في صلاتك..
الاتضاع الذي تخضع به لتعليم الكتاب، وتغير وتصحح به فكرك.. والاتضاع الذي تطلب به المعرفة، قائلاً مع داود النبي " علمنى يا رب طرقك. فهمنى سبلك " وكأنك وأنت تقرأ تقول له:
" ماذا تريد يا رب أن أفعل؟ " (أع 9: 16).
|
|