أحبب الربّ إلهك من كلّ قلبك، وكلّ نفسك وكلّ ذهنك في الثلاثاء 01 سبتمبر 2009
في عصر المسيح، كان النقاش دائرًا حول ماهية الوصية الأولى. وعندما طرح هذا السؤال على يسوع، أجاب جامعًا بين محبة الله ومحبة القريب. فالفصل بين هاتين المحبّتين يستحيل على أتباعِهِ، مثلما يستحيل فصل الشجرة عن جذورها. وكلما زادت محبّتهم لله، كبِرَت محبتهم لإخوتهم. وكلما أحبّوا إخوتهم تعمقت فيهم محبة الله. والمسيح يعلم أكثر من سواه من هو الله، وكيف ينبغي أن نحبّه. هو الآب بالنسبة له ولنا، وإلهه وإلهنا ( يوحنا 20 / 17 ). الله يخصّ بمحبته كل فردٍ منّا: يحبّني ويحبّك. إنه إلهي وإلهك.
يمكننا أن نحبه لأنه بادرَ بمحبتنا. فالمحبّة المطلوبة منّا، هي إذًا جواب على محبة الله لنا.
ويمكننا التوجه إليه بالثقة نفسها التي كانت ليسوع الذي كان يناديه: أبّا. نحن أيضًا على مثال يسوع، باستطاعتنا التحدث إليه طارحين حاجاتنا واقتراحاتنا ومشاريعنا، معلنين حبّنا المطلق.
نحن أيضًا ننتظر بفارغ الصبر الأوقات التي تجمعنا به، من خلال الصلاة التي هي حوار ومشاركة وعلاقة صداقة عميقة. فبالصلاة تفيض المحبّة، وتتمّ العبادة إلى ما وراء الخليقة. فهو الحاضر الممّجد في كلّ الكون، وفي أعماق قلوبنا، هو الحيّ في بيت القربان والموجود في كلّ مكان: في البيت والمكتب وبين الأصدقاء .
" أحبب الربّ إلهك من كلّ قلبك، وكلّ نفسك وكلّ ذهنك " .
يظهر لنا يسوع طريقة أخرى لمحبة الله: فالمحبة عنده هي أن نعمل بإرادة الله الآب، ونضع بتصرف الآب فكرنا وقلبنا وطاقاتنا وكلّ حياتنا.
لقد أعطى يسوع كلّ شيء لتحقيق مخطط الآب عليه. والإنجيل يرينا دومًا يسوع متجهًا نحو الآب ( يوحنا 1/18)، دومًا في الآب. معلمًا ما سمعه من الآب، محققا فقط ما طلبه الآب منه. نحن أيضًا على مثال يسوع ، مطلوب منّا الأمر نفسه؛ أن نحبّ أي أن نعمل بمشيئة الشخص المحبوب، وبكلّ كياننا: "بكلّ قلبك، وكلّ روحك، وكلّ ذهنك".
ولأنّ المحبّة عند يسوع لا تقتصر على العاطفة، يقول: "لماذا تدعونني: يا ربّ، يا ربّ، ولا تعملون بما أقول؟" ( لوقا 6/46) .
" أحبب الربّ إلهك بكلّ قلبك، وكلّ روحك، وكلّ ذهنك".
كيف نعيش وصية يسوع هذه؟ بالمحافظة على علاقة بنوّة وصداقة مع الله، والعمل بمشيئته بشكل خاص، ونتشبّه بيسوع في موقفنا من الله بتوجّهنا دومًا نحو الآب، والاستماع إليه وطاعته والعمل بمشيئته
من دون سواها.
من أجل ذلك، لا بدّ لنا من حياة متجذرة كلها في الله، إذ يستحيل علينا ألاّ نهبه كلّ شيء.
"كلّ قلبك، كلّ روحك، كلّ ذهنك". معنى ذلك أن نقوم بكل ما يطلب منا خيرَ قيام.
من أجل عيش إرادة الله، لا بدّ من حرق إرادتنا، والتضحية بكل ما في قلوبنا وعقولنا، من خلال عيش اللحظة الحاضرة. وموضوع التضحية هذا، قد يكون فكرة أو عاطفة أو رغبة، أو ذكرى أو شخصًا...
هكذا نعيش اللحظة الحاضرة بكل كياننا، نتكلم، نستمع، نساعد، ندرس، نصلّي، نأكل، ننام، نعمل بإرادة الله من غير شرود.
فلتكن أعمالنا كاملة نظيفة، نكرّس لها كل قلوبنا وأرواحنا وعقولنا. ولتكن المحبة دافعنا الأساسي، كي نتمكن في نهاية النهار أن نقول: "نعم يا ربّ في تلك اللحظة وفي ذلك العمل، أحببتك من كلّ قلبي وكلّ ذاتي". هكذا فقط، يمكننا أن نحبّ الله حقا، ونبادله المحبة.
"أحبب الربّ إلهك بكلّ قلبك، وكلّ نفسك وكلّ ذهنك" .
كي نعيش حقاً هذه الكلمة، لا بدّ من فحص ضمير متكرر بغية التأكد من وجود الله في المرتبة الأولى في حياتنا .
وفي الختام، ما الذي نستطيع القيام به خلال هذا الشهر؟ نعيد اختيار الله مثالا أوحد لحياتنا، ونضعه في المرتبة الأولى بعيشنا إرادته بشكل كامل، في اللحظة الحاضرة.
وهكذا يمكننا أن نرددّ، بكلّ صدق: "أنت إلهي وكلّ شيء بالنسبة لي". "أحبك، إنني لك بكليّتي". أنت إلهي، إلهنا، المحبة اللامتناهية".