الجد والأبناء والأحفاد
التاريخ: الأثنين 09 أبريل 2012
الموضوع:


رجل مُسن اضطر أن يعيش مع ابنه وزوجته وحفيده البالغ من العمر 4 سنوات. كانت يدا الجد ترتعشان (مرض الرعاش)، وبصره كان مشوَّشاً، وخطواته متردِّدة. وحينما كان يجلس على المائدة مع الأسرة ليأكلوا كانت يدا الجد المرتعشتان وبصره الضعيف يجعلان من الأكل أمراً صعباً. فكانت حبيبات الأرز تسقط من الملعقة على الأرض. وحينما يهمُّ بالإمساك بكوب اللبن، كانت قطرات اللبن تنسكب على مفرش المائدة.

أما ابنه وزوجته فكانا يغتاظان من هذا التشويش. وقال الابن: - ”لابد أن نفعل شيئاً له، فلم أَعُد أحتمل الكثير من اللبن المسكوب، والضوضاء أثناء أكله، والطعام المتساقط على الأرض“. لذلك خصَّص الابن وزوجته منضدة صغيرة في أحد أركان الغرفة بعيداً عنهما، لكي يأكل الجد عليها وحده، بينما تتمتع الأسرة وحدها بتناول طعامهم معاً. ولأن الجد قد كسر صحناً أو اثنين، فقد بدأوا يغرفون الطعام الخاص به في وعاء من الخشب. وحينما كانت الأسرة تلتفت إلى اتجاه الجدِّ، كانوا يرونه أحياناً وقد اغرورقت عيناه بالدموع لعزله وحيداً عن الأسرة. والكلمات الوحيدة التي كان الزوجان يوجِّهانها له، كانت تعليمات حادة، حينما تقع منه شوكة أو بعض الطعام على الأرض. أما طفلهما ابن السنوات الأربع فكـان يُراقب كل هذا في سكون. وفي إحدى الأمسيات وقبل تناول العشاء لاحظ الزوج أن ابنه الصغير يلعب ببعض قطع الخشب على الأرض، فسأل صغيره بلطف: - ”ماذا تفعل“؟ وبلطف أيضاً ردَّ الطفل على والده: - ”إني أصنع وعاءً صغيراً من الخشب، لك ولمامي لتأكلا طعامكما فيه، حينما أكبر وأصير مثلكما“! وابتسم طفل السنوات الأربع وعاد إلى ما كان يعمله. أما كلماته فكانت كوقع الصاعقة عليهما، حتى أنهما لم ينبسَّا ببنت شفة. وفي هذا المساء أمسك الزوج بيد أبيه ”الجد“ وقاده إلى مائدة الأسرة مرة أخرى. وظل الجدُّ طيلة ما تبقَّى من حياته يأكل وجباته مع الأسرة. ولسببٍ أو لآخر، لم يَعُد الزوج ولا الزوجة يبديان أي اهتمام بوقوع ملعقة أو شوكة على الأرض، او بانسكاب اللبن، أو باتِّساخ مفرش المائدة. فليعلم الآباء والأمهات أن الأطفال شديدو الملاحظة، وأعينهم تراقب، وآذانهم تلتقط كل كلمة بل كل همسة؛ أما أذهانهم فهي دائماً تبعث رسائل بانطباعاتهم تحفظها أذهانهم. فإن شاهدونا صبورين، فإن ذلك يُهيِّئ جوّاً من السعادة على كل أفراد الأسرة، فيقتدون بذلك طيلة أيام حياتهم. والوالدون الحكماء يعملون على أن توضع حجارة بناء نفوس أبنائهم بحرص كل يوم لصالح مستقبل أطفالهم. فلنكن بنَّائين حكماء! + «أَعِنْ أباك في شيخوخته، ولا تُحزنْه طول حياته. وإن أصابه الخَرَف فاعطف عليه. ولا تحتقرْه وأنت في قوتك. فالعطف عليه لا يُنسَى، وفي تكفير ذنوبك يُعين» (يشوع بن سيراخ 3: 12-14).





أتى هذا المقال من سلام الى العراق
www.salamtoiraq.com

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
www.salamtoiraq.com/plugin.php?name=articles&file=article&sid=434